الثلاثاء، 27 مارس 2012

صــوت الحرية ..






"متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا؟", موقف شهير للخليفة الثاني عمر بن الخطاب ألقاه في وجه واليه على مصر آنذاك عمرو بن العاص لتذهب هذه المقولة مثلاً بقي حتى اليوم معبراً عن مفهوم الحرية في الإسلام، ورابطاً وبشكل مبدئي حرية الفرد بمجرد ولادته.
الحرية تلك الكلمة العظيمة الغنية بمفرداتها ومعانيها فالحرية هي النور هي الشمس, هو ذلك الشعور العظيم الذي يعيش بداخلنا فهي الفطرة التي نولد عليها من غير ان نتعلمها ولا ان نجيدها فقط الحرية .
الحرية هي الكلمة التي يتمسك بها الطفل حتى وإن لم يفهم معناها ,هي الكلمة التي التي يكمل بها الشاب حياته ومسيرته, هي الكلمة العظيمة التي يموت من أجلها الألوف والملايين يبيعون حياتهم رخيصة من أجلها من أجل الحرية .
وتوالت الأزمان و الأحداث ,واصبحت الحرية هي هم كل الشعوب بمختلف أجناسهم ودياناتهم , وقامت المسيرات ,والثورات ,والحروب, وسالت الدماء في كل مكان من أجل الحرية . حتى في وقتنا الحالي يعاني الشعب العربي منها . كثيراً ما نسمع عبارات مثل " الشعب يريد الحرية " , و " نريد حريتنا " والكثير الكثير من هذه العبارات التي لا حصر لها تحت مسمى الحرية .
فصدق المثل " الحرية هي مفتاح الديمقراطية "  فالحرية هي الهدف التي يريد أن يصل إليها كل شعب واعٍ مثقف , وأصبحت كلمة الحرية تعني الحياة , والأمل والسعادة .
من منا لا يبحث عن الحرية ويجاهد من أجل السبيل في الحصول عليها . ولكن للأسف أصبح مفهوم الحرية خطأ في ظل واقعنا المرير . تم وأد الحرية تحت رمال لا تكشف عن غطائها وأصبحت معنى معطلاً عقيما !! .
وأصبح كل يغني على ليلاه تحت مسمى الحرية ,فتلك ساقطة وشبه عارية تغني بجسدها تحت مسمى حرية الفن , وهذا يحمل كأس الخمر بيده ويسب ويشتم كبار العلماء والمشايخ تحت مسمى حرية الفكر , أو تلك القنوات التى لا عدد ولا حصر لها تتنافس على نشر الرذيلة وعلى صناعة أجيال عابثة طائشة لا تعرف معنى الحياء تحت مسمى الحرية الإعلامية .
أين حريتنا نحن ؟أين حرية العرب التي يجب ان تكون مسوؤلية كل واحد فينا أين حقوقنا؟ هل ضاعت في سبيل فهم الحرية الخطأ ,الكثير والكثير من الأسئلة التي تدور في عقولنا .فهي أكثر من ذلك بكثير أكثر مما نعلم وأكثر مما نحمل داخل أعماقنا . فللأسف في عالمنا العربي لا تفهم الحرية على أساس ذلك الشيء الثمين الذي يجب ان ندافع عنه ونتمتع به لندافع على أغلى ما نملك, بل كل يفهمها على رأيه وينسبها إلى مفاهيم بشكل خطأ .
فذلك المراهق يريد أن يستقل برأيه ,وهذا الشاب لا يحب من يسأله أو يحاسبه وكل ذلك تحت مسمى الحرية الفردية . وكم من مقابر تبنى, وأعراض تنهك, وبيوت تهدم وكل ذلك تحت مسمى واحد "الحرية" .
والحرية ليست مقصورة على الإنسان فقط بل أيضاً على كل شيء حي فلا يصح لنا أن نحبس عصفوراً في قفص ولا قطة أو أي حيوان أليف بل هم أيضاً بحاجة إلى الحرية مثلنا , وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "" دخلت إمرأة النار في قطة حبستها فلا هي أطعمتها ولا هي سقتها ولا تركتها تأكل من خشاش الأرض "  صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم . فمن هذا المنطلق يجب علينا أن نعامل الحيوانات وكل شيء حي بأنه بحاجة إلى الحرية .
ولكن هل للحرية أهمية في مجتمعنا الإسلامي ؟باعتقاد الكثيرين أن الإسلام كله قيود ومحرمات ونواه ولكن بالعكس تماماً فإن الحرية الموجودة في الإسلام ليس لها نظير في كل مكان , والحريات التي يمنحها الإسلام في مختلف المجالات لا نظير لها في تاريخ العالم حتى في هذا اليوم المسمى بعصر الحريات .. إن مبدأ الحرية جزء لا يتجزأ من النظام الإسلامي المتكامل بل هو أساس هذا النظام وعنصره الرئيسي , فمن دون الحرية لن تتحقق نهضة، ولن تتقدم أمة، لأن الحرية في أعمق معانيها هي الحياة نفسها، فمن سلبت منه حريته، فكأنما سلبت منه حياته، وأصبح من الأموات. والحرية هي روح الدين في الإسلام، بفقدانها تفقد الآمال، وتبطل الاعمال، وتموت النفوس، وتتعطل الشرائع، وتختل القوانين.
إن الحرية حق من الحقوق الطبيعية للإنسان فهي التي جعلها الله السبيل إلى إدراك وجوده سبحانه فجعل للعقل الحر حرية الإختيار في الدين وهو أهم أمر خلق الإنسان من أجله , قال تعالى (( لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي )) .
والآن دور الحرية الشخصية في بناء مجتمعنا , فهي حفظ كرامة الإنسان وعدم إهانته واحتقاره ,  وهي السبيل لتطوير مجتمعنا , ورفع أسهمنا بين حضارات العالم ، فلابد أن نحفظ لأفراد المجتمع حرية العمل والتعلم وحرية الإختيارالواضح .
ومن الحريات المهمة التي لابد أن تحفظ  لأفراد مجتمعنا هي حرية الرأي أي حرية التفكير والتعبير عنه بصراحة والإبتعاد عن الإستخفاف برأيه وتحقيره مهما اختلفنا معه .
وعلى الإنسان أن يجعل رأيه إظهارالحق وإخماد الباطل, ونشر العدالة والمساواة في الحقوق . 
ولكن أصبحت للحرية الشخصية معنى آخر في عصرنا الحاضر فأصبحت سبيل لفضح الإنسان واحتقاره ولم تتوقف على ذلك فقط ,بل أصبحت المجاهرة بالمعصية كل على سبيل الحرية الشخصية لا رقابة ولا محاسبة ,فكل الذين يخرقون الآداب العامة والأعراف الإيجابية يختبئون تحت كلمة حرية ,فكلمة حرية لا تعني قول أي شيء ,أو فعل ما نريد إن كان خطأ أو صواب ,بل يجب ان تكون ضمن حدود المسموح.
ولكن في ظني لم يعد في زماننا معنى حقيقي للحرية فقد تم وأدها,بل قتلها,وتم تشييعها إلى مثواها الأخير. فالرحمة عليكِ يا حرية .!!



بقلم : ترتيل محمد 

هناك تعليق واحد:

  1. الحرية كلمة بل غاية يتمنى الجميع الوصول إليها سواء كان كبيرا ام صغيرا

    و لكن قلة قليلة هم من يفهم معناها بشكل دقيق و صحيح

    و تلك الحرية التي في عقول من يسمون بالمتحررين ليست إلا اسلوب وقح اتخذوه لاكمال مسيرة حياتهم و الوصول إلى أهدافهم في افساد عقول بني الانسان.

    و أكثر ما يستفزني أولئك من صنعوا جماعات لتحرير المرأة و أي تحرير هذا !!!!! انهم يسعون للوصول إلى المرأة و هتكها ليس أكثر...بعد أن حماها الاسلام من امثالهم و شرفها تشريفا عظيما... و لكن الكثير من الغبيات صدقوهم...

    ليس لدي ما اقوله فقد كفيتي و وفيتي... و أتمنى من أصحاب
    العقول المتخلفة و المتحررة كما يدعوون قراءة هذا الموضوع حتى يستوعبوا سدذاجة عقولهم و أن يعرفوا أن الحرية الحقيقة بريءة منهم.

    ترتيل ... أشكرك على هذا الموضوع الجريء و انا
    بانتظار كتاباتك القادمة...


    تحياتي لك غاليتي.... =)
    دمت في حفظ الرحمن

    ردحذف